الفتنة ، الفتنة ، ومن ثمّ الفتنة فحذارٍ منها.... المحامي طوني متى

. إننا نعيش أصعب مرحلة في تاريخ لبنان، إنّه زمن التسويات الكبرى التي لا يمكن لها أن تُبصر النور إلاّ بعد مخاض تسيل فيه الدماء لصالح الدول المخطّطة. ما نشهده اليوم شبيه جدّاً بالمراحل التي عشناها في الماضي مع بدايات الحرب الأهلية أي صراع الدول على أرضنا فأتت النتيجة تلزيم لبنان لصالح دولة جارة ومن ثمّ حرب الأخوة فيما بعد ليتبيّن وقتها أن دستوراً جديداً للبلاد تمّت فبركته لصالح مكوّن على حساب مكوّن آخر أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن من أزمات دستورية وميثاقيّة وكل تلك المراحل كانت تسبقها فتن مُفبركة من الخارج. اليوم السيناريو نفسه يتكرّر وقد حذّرنا منه منذ ما يقارب الثلاث سنوات لكن يبدو أنّ يد الخارج متحكّمة بأزلامها في الداخل الذين ينفّذون من دون مواربة أو إعتراض ما يُطلب منهم وفي كلتي الحالتين لقاء حفنة من الدولارات على حساب الوطن والشعب للأسف. ما يحصل اليوم في المنطقة هو كالتالي وسوف تتذكّرونني مستقبلاً : - إسرائيل العدوّة ستقبل بالدولة الفلسطينية ضمن مساحة جغرافيّة جديدة. - الولايات المتحدة الأمريكية وإيران سوف يتقاسمان النفوذ بحيث يكون الدور الأمني على الأرض لصالح محور إيران في المنطقة في حين تستولي الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها على القسم الأكبر من خيراتنا النفطيّة والغاز والممرّات التجاريّة أمّا إعمار الدول المنكوبة فيتقاسمها المحوران فيما بينهما وفقاً لمناطق النفوذ علماً بأن ذلك سيأتي على حساب الشعب المنهار جوعاً وأمناً نتيجة للحصار الإقتصادي والحروب العبثيّة والتدميرية على أرضه. ما أريد قوله أنّنا كمكوّن أساسي في هذا البلد علينا عدم الإنجرار وراء رغبات الدول المتصارعة بأن نكون وقود لمشاريعها لأن الماضي هو أكبر شاهد على ما أصابنا من جرّاء إنجرارنا وراء مشاريعهم وقد سدّدنا فواتير باهظة في سبيل ذلك. الدفاع عن لبنان من الإعتداءات الخارجية أمر حتمي وواجب وطني وأخلاقي وكل شهيد يسقط في سبيل ذلك هو شهيد كل لبنان وليس شهيد طائفة معيّنة وذلك حتى تحرير آخر شبر من أرضنا المحتلّة أمّا ربط لبنان بالنزاعات الخارجية فلا شأن لنا به خاصّة وأن المنظّمات الجهاديّة لم تقصّر في الدفاع عن صدّ العدو وردعه من أجل إسترجاع أرضها منه. وفي كل الأحوال من يحاول إشعال نار الفتنة في الداخل هو عدوّ الوطن خاصّة وأن ذلك سيودي به وبمجتمعه إلى الهاوية المحتّمة. إخراج النازحين أمر ضروري وحتمي لكن بالطرق السلميّة والحضارية والقانونية وليس بإشعال الشارع والفلتان الأمني. علينا رصّ الصفوف فيما بيننا وتوحيد الموقف في هذا الخصوص عبر الضغط على المجتمع الدولي والتفاوض المباشر معه ومع أصحاب الشأن في الجمهورية العربية السورية وتطبيق القوانين على النازحين بصورة فعّالة من قبل البلديّات والمؤسسات الحكومية وإن تعريض الشارع لإهتزازات أمنية سوف يجرّنا إلى حرب نعرف كيف تبدأ ولا نعرف كيف ستنتهي فإحذروا الفتنة ولعن الله من يوقظها. كلّنا على ما أعتقد نريد دولة خالية من الفاسدين واللصوص وقطّاع الطرق لكننا لم نتوحّد يوماً من أجل تحقيق ذلك. الأمن والقضاء هما الركيزتان الأساسيتان من أجل تحقيق ذلك علينا تحصينهما وإبعادهما عن مخطّطاتنا الهدّامة والضغط عليهما في سبيل تطبيق القوانين لا مخالفتها وعليهما واجب الضرب بيد من حديد لكل من تسوّله نفسه تخريب السلم الأهلي أو اللعب على الوتر الطائفي وإيقاظ الفتنة. في النهاية لبنان لكافة أبنائه وطوائفه ولا يمكن لمكوّن أن يلغي مكوّن آخر. بالحوار والمحبّة والسلام يمكننا تخطّي هذه المرحلة الدقيقة وإعادة بناء وطن يعيش فيه شعب مواطن لا تابع وحدها الدولة وجهتنا وحامية مستقبلنا ومستقبل أولادنا فحذار من الفتنة التي سوف تدمّرنا وتدمّر مستقبل أولادنا والتاريخ خير شاهد على نتائجها السابقة. المحامي طوني متى.

تعليقات